######################
الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence:
######################
يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه خواص معينة تتميز من خلالها البرامج الحاسوبية كي تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وتحاول القيام بذات الأنماط التي يقوم بها. ومن أهم هذه الخاصيات التي يسعى العلم إلى تحقيقها، القدرة على التعلم والاستنتاج والقيام برد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة. مسبقا إلا أن هذا المصطلح يعتبر إشكالي وقاصر وذلك نظرا لعدم توفر تعريف محدد للذكاء. يعتبر الذكاء الاصطناعي فرع من فروع علم الحاسوب. وتعرف الكثير من الكتب العلمية الذكاء الاصطناعي بأنه "دراسة منظمة للوصول إلى تصميم العملاء الأذكياء" ويعرف العميل الذكي بأنه نظام يستوعب بيئته ويتخذ أيضا المواقف التي تزيد من فرصته في الوصول إلى النجاح في تحقيق مهمته أو مهمة فريقه وقد عرفه العالم جون مكارثي و الذي صاغ هذا المصطلح في عام 1956، على أنه : "علم وهندسة صنع آلات ذكية". لقد تأسس مجال الذكاء الاصطناعي علي افتراض علمي مفاده أنه يمكن وصف ملكة الذكاء بدقة وبدرجة تمكن الآلة من محاكاتها وتقليدها وهذا الافتراض يثير جدل فلسفي حول طبيعة العقل البشري وحول حدود المناهج العلمية، وقد تم تناول هذه القضايا أسطوريا، وخياليا وفلسفيا منذ القدم مع بحث الإنسان عن طرق للتطور وفهم البيئة وفهم ماهيته. ويدور جدل أيضا عن ماهية الذكاء بشكل عام وأنواع الذكاء التي يمتلكها الإنسان بالإضافة إلى إمكانية وكيفية محاكاتها مع الآلة.
######################
تاريخ الذكاء الاصطناعي:
######################
ظهر التفكير في الآلات الاصطناعيّة في الأساطير اليونانيّة القديمة عند تالوس في جزيرة كريت، والروبوت البرونزية من قبل هيفايستوس، إلا أنّ الظهور الفعليّ لها كان مع تأسيس الأبحاث في عام 1956م، وتحديداً في كرم كليّة دارت موث، وذلك من قبل كل من (جون مكارثي، ومارفان مين سكي، وألن نيو يل، وآرثر صموئيل، وهربرت سيمون)؛ إذ تمكّنوا خلال المؤتمر من الفوز في لعبة الداما، وحل مشاكل في الجبر، وإثبات النظريّات المنطقية والناطقة باللغة الإنجليزيّة.
وخلال منتصف عام 1960م أصبحت الولايات المتحدة الأمريكيّة الممثلة بوزارة الدفاع تموّل البحوث من خلال إنشاء مختبرات في جميع أنحاء العالم.
خلال عام 1980م تم إحياء الأبحاث حول الذكاء الاصطناعيّ من قبل منظمة العفو الدوليّة، وساهم ذلك في نجاح تجاريّ بعد مقدرتهم على محاكاة المعارف، والمهارات التحليليّة.
وفي أوائل القرن الحادي والعشرين تم تحقيق أعظم نجاحات الذكاء من خلال استخدامه في الخدمات اللوجستيّة، واستخراج البيانات، والتشخيص الطبيّ، ويُعزى النجاح إلى عدة عوامل وهي؛ زيادة القوة الحسابيّة للحواسيب، وزيادة التركيز على حل المشاكل الثانويّة، وخلق علاقات جديدة بين منظمة العفو الدوليّة، وغيرها من المنظمات التي تعمل على حل مشاكل مماثلة.
خلال عام 1997 أصبح ديب بلو أوّل من صنع نظام الشطرنج على الكومبيوتر الذي استطاع الفوز على بطل العالم آنذاك غاري كاسباروف.
######################
أنواع الذكاء الاصطناعي:
######################
مع التقدم الحاصل في قدرات الحوسبة من المرجح أن الذكاء الاصطناعي سيطور من المستوى البسيط إلى آلات تتمتع بالإدراك الذاتي، وتشمل قدرات الحوسبة على سبيل المثال لا الحصر: تعلم الآلات، الشبكات العصبية، معالجة اللغات الطبيعية، الخوارزميات الجينية والحوسبة المبتكرة. إليكم نظرة تطلعنا على أنواع الذكاء الاصطناعي:
1- تفاعلي، يتصرف وفق ردة فعل:
إنه أبسط أشكال الذكاء الاصطناعي، يدرك حالته بشكل مباشر، ويتصرف بناءً على ما يراه، ليس لديه مفهوم العالم الأوسع، ولا يمكنه أن يشكل الذكريات أو أن يعتمد على تجارب سابقة للتأثير على القرارات الحالية، وهو متخصص في مجال واحد فقط. أمثلة:
- ديب بلو، من IBM الذي هزم كاسباروف في لعبة الشطرنج.
- ألفا جو، من جوجل والذي انتصر على أبطال لعبة جو من البشر.
2- ذاكرة محدودة:
يقع على قمة السلم التطوري للذكاء الاصطناعي، يأخذ هذا النوع أجزغء من المعلومات السابقة بعين الاعتبار، ويضيفها إلى تصوراته المبرمجة عن العالم. لديه ما يكفي من الذاكرة أو الخبرة لاتخاذ القرارات المناسبة، وتنفيذ الإجراءات المناسبة. أمثلة:
- المركبات ذاتية القيادة.
- روبوتات الدردشة، والمساعدات الرقمية الشخصية الذكية.
3- نظرية العقل:
يتمتع بقدرته على فهم الأفكار والانفعالات التي تؤثر على السلوك البشري، هذا النوع يمكنه فهم المشاعر والدوافع والنوايا والتوقعات، ويملك قدرة التفاعل اجتماعياً. أمثلة:
- صوفيا. ( يتوفر مقال حولها لاحقاً بإذن الله).
4- ذاتي الإدراك:
يمكن لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي أن يشكل تصورات عن نفسه، إن ذلك امتداد لنظرية العقل، فهو يدرك حالته الداخلية، ويمكنه التنبؤ بمشاعر الآخرين، وأن يجري عمليات التجريد والاستدلال، ببساطة هو يمثل جيل المستقبل للآلات الحساسة فائقة الذكاء. أمثلة:
- إيفا، في فيلم إكس ماكينا، الذي صدر عام 2015.
- الكيانات الذكية المصطنعة الشبيهة بالبشر، في مسلسل هيومانز، الذي صدر عام 2015.
######################
مجالات الذكاء الاصطناعي:
######################
1- الإنسان الآليّ (الروبوت).
2- تطوير البرامج الحاسوبيّة.
3- مجالات الذكاء الاصطناعي الأخرى.
الإنسان الآليّ (الروبوت):
الروبوت يُعد من إحدى المجالات التي دخل فيها الذكاء الاصطناعيّ، حيث إنّ الروبوت هو جهاز ميكانيكيّ مصمّم لأداء الأعمال التي يقوم بها الإنسان بشكل عام، وقد أدّى اختراع الروبوتات الحديثة إلى ظهور الأجهزة والآلات التي لا حصر لها، والتي تحلّ محل عمل الأفراد. من الجدير بالذكر أنّ معظم الروبوتات مبنيّة على برمجيّات للعمل بشكل مستقل عن السيطرة البشريّة المباشرة، ويُستخدم المصطلح أيضاً للمركَبات وغيرها من الآلات التي يتمّ التحكّم بها عن بعد من قبل المشغّل البشري.
تطوير البرامج الحاسوبيّة:
الذكاء الاصطناعيّ أدّى إلى تطوير البرامج الحاسوبيّة، ومن الأمثلة على ذلك برامج لعبة الشطرنج على أجهزة الكمبيوتر، ففي عام 1948 طوّر عالم الرياضيات البريطانيّ آلان تورينج خوارزميّة لعبة الشطرنج، حيث تمّ استخدام البرمجيّات الحسابية، وبعد عشر سنوات قام عالم الرياضيات الأمريكيّ كلود شانون برسم خوارزميّة للعب الشطرنج من قبل شخصين على جهاز الحاسوب، فهذه البرمجيات تقوم بحساب جميع التحركات الممكنة لكل لاعب، والعواقب إلى أقصى حد ممكن للتحركات.
مجالات الذكاء الاصطناعي الأخرى:
دخل الذكاء الاصطناعيّ في تطبيقات ومجالات لا حدود لها، ومن هذه المجالات:
1- تطوير التطبيقات الحاسوبيّة في التشخيص الطبيّ في العيادات والمستشفيات.
2- تطوير آلية البحث على جهاز الحاسوب عبر الإنترنت.
3- تطوير أنظمة تداول الأسهم.
4- تطوير المحاكاة المعرفيّة، وذلك باستخدام أجهزة الكمبيوتر لاختبار النظريات حول كيفية عمل العقل البشريّ والوظائف التي يقوم بها كالتعرّف على الوجوه المألوفة وتفعيل الذاكرة.
5- اختراع المركبات والطائرات التي يمكن أن تعمل وحدها من دون قائد.
6- تطوير ألعاب الفيديو فأصبحت مفصّلة وتحاكي الواقع بشكل أكبر من الألعاب القديمة.
7- تطوير تطبيقات تعلّم اللغات المختلفة، من خلال الرد على بعض الأسئلة بإجابات مبرمجة مسبقاً.
في النهاية، إذا كانت العولمة الراهنة قد كشفت عن مخبوءات وخزائن العقل الإنساني باتجاهات تطورية متصاعدة، أفاد منها البشر في كل مكان، فإن التطورات التكنولوجية في علم الذكاء الاصطناعي سوف تحمل ما هو أبعد مما تحمله التجارة العالمية من فوائد و مخاطر للعنصر البشري. وكما أوضحنا فقد سبق لعلماء يتابعون إنجازات الذكاء الاصطناعي والتطورات التكنولوجية والمحتملة في هذا المجال، أن أشاروا إلى أن الفرادة أو التفرّدية ستكون هي الحدث الأهم في تاريخ البشرية في المستقبل، وحددوا ثلاثة مجالات من التقدم العلمي والتكنولوجي، سوف تسبق أو تهيئ لوجود حدث التفرّد، كإنجاز هو الأول على الإطلاق في تاريخ البشرية، وهي مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتقنيات المتناهية الصغر (النانوتكنولوجي) وعلوم الجينات، ومن هذه كلها أو من بعضها قد يتخلّق عرضاً ما يهدد عالم البشر في حال خروجها عن السيطرة؛ سيطرة الإنسان. مهما يكن من أمر، فإن تفوّق الآلات في ذكائها على البشر، سيبقى رهين أبحاث وتفوق العقل البشري، وتفرّده في قيادة منجزات لا سابق معرفة للمجتمعات البشرية بها. كما أن خروج هذه الآلات عن السيطرة سيبقى كذلك رهين أبحاث البشر أنفسهم، وصنائع لعقل بشري يريد على الدوام استشراف وارتياد الآفاق المستقبلية، تطلعاً نحو ما هو مخفي في مجاهل الفضاءات البعيدة ، والقريبة في آن واحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق