الأربعاء، 7 فبراير 2018

طائرات بدون طيار

######################
طائرات بدون طيار:
######################

ربما في المستقبل القريب لن يبقى منظر الطائرات بدون طيار غريباً، وربما تصبح كالهاتف الذكي، لكن ما هي الاستخدامات المتوفرة لهذه التقنية اليوم وكيف ستتطور في المستقبل؟
في البداية كانت العجلة، والتي غيرت حياة الإنسان إلى الأبد ثم جاءت السيارات، ووصلنا مؤخراً إلى السيارات الذكيّة، تلك التي تكلمنا عنها في مقالنا السابق عن السيارات ذاتية القيادة، أما اليوم فنتكلم عن طريقةٍ أخرى تساعدنا في كثير من نواحي الحياة، بعيداً عن النقل الأرضي، نتحدث عن الطائرات بدون طيار.

لم تستخدم الطائرات بدون طيار بدايةً كما نعرفها اليوم، بل كانت سلاحاً جوياً خطيراً ومهيباً تمّ استخدامه لأول مرة في أوائل القرن الماضي، وكانت تستخدم عسكرياً لتتدرب عليها المجموعات العسكرية في إصابة الأهداف، ثم طوّر المهندسون طائرات تحمل ذخيرة تلقي بنفسها على الهدف المطلوب، وهي لم تكن "طائرة بدون طيار" حقيقية كما نعرفها اليوم، فهي تستخدم "مرةً" واحدة فقط.

ثم قامت الولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة بتطوير الأبحاث حول هذه التقنية، لاستخدامها في التجسس وفي المهمات الخطيرة التي قد يحدث بها ضرر بالغ.  واستمر استخدام هذه التقنيات في الطرق الحربية لمدة طويلة، لكن جاء الوقت اليوم لاستخدامها في اتجاهات مختلفةٍ تماماً، اتجاهات تسمح لنا بالاستفادة من العين المحلقة في السماء بطرق تنقذ البشر وتسهل حياتهم بدل إنهاءها.

######################
لكن كيف تعمل هذه الطائرات؟!!
######################

لنعرف عمل هذه الطائرات، علينا أن نعود ونميزها عن سابقاتها: الهيلوكبترات القابلة للتحكم عن بعد، والفرق الأساسي بينها هي أنّ الطائرات بدون طيار تتمتع بقدرٍ من الذاتيّة، أي أنها تستطيع الطيران والتحليق بدون الحاجة لمعطيات من طيار أو قائد. فالقدرة على الحفاظ على موقع ثابت والسيطرة على ثبات المركبة في كل الأوقات يجعل هذه الآلة مختلفة ويعطيها ذكاءً خاصاً من نوعه. وبينما تتمتع بعض الهيلوكبترات بأكثر من مروحة فإنّ الطائرات بدون طيار تستخدم هذه المراوح لسبب آخر وهي الحفاظ على توازنها لوحدها بشكل دائم، ولأن امتلاك أكثر من مروحة يسمح ببقاء الطائرة محلقةً رغم تعطل أحد المحركات، والعدد الأكبر من المحركات والمراوح يسمح بزيادة الوزن المطلوب نقله من مكان إلى آخر، كما أنّ ذلك يفيدنا أثناء عملية التصوير بالطائرات بدون طيار.

لكن مزيد من المراوح يعني المزيد من الحاجة للطاقة، وعادةً  تأتي هذه الطائرات التجارية ببطارياتٍ تستطيع التحليق بها لمدة 12 دقيقةً أو إلى 25 دقيقة على الأكثر، وللأسف زيادة حجم البطارية يعني زيادة الوزن وهنا تعمل البطارية للأسف كمرساة تشد الطائرة إلى الأرض.

ولاستخدام الطائرة بدون طيار يحتاج المرء إلى استخدام أداة تحكم  بإطلاق وهبوط الطائرة، وهذه الأداة قد تأخذ أشكالاً مختلفةً، من الهواتف الذكية إلى متحكمات تشبه الألعاب. ومهما اختلف الشكل فالهدف واحد، هو الاتصال مع الطائرة وذلك عادةً ما يكون عن طريق موجات الراديو، وذلك عن طريق موجات بتردد 2.4 جيجا هرتز في معظم الأحيان. تستطيع هذه المتحكمات الاتصال بالطائرات عن طريق الواي فاي بنفس التردد، وهو شيء قابل للتطبيق بسهولةٍ بواسطة الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية بدون أي أدوات ملحقةٍ أخرى.

وقد تبنت الطائرات بدون طيار جميع التقنيات الحديثة التي ظهرت في الآونة الأخيرة مع ثورة الأجهزة الذكية، منها رقاقة تحديد الموقع GPS وتسجيل بيانات مكان الانطلاق للعودة إليه بدون تدخل، كما أنّ هناك حساسات تمكن الطيارة من معرفة موقعها بشكل مستمر أثناء الطيران وتحسب سرعتها والقدرة الكاملة لها. وبتطور التقنية بدأت الأسعار والأحجام بالنزول معاً مما ساعد في إطلاق العنان للمفكرين والمصممين في إنتاج طائرات بدون طيار ذات مهام جديدة ومهمة.

عندما تحاول تثبيت الطائرة في الهواء، يبدأ عمل الحساسات والمقياسات، حيث تعمل رقاقة مقياس الارتفاع على تثبيت الارتفاع المطلوب، وتسمح رقاقة ال GPS للطائرة بالحفاظ على مكان ثابتٍ على محوري x و z.

######################
الاستخدامات المختلفة للطائرات بدون طيار:
######################

شيئاً فشيء بدأت هذه الطائرات بالابتعاد عن أصلها الحربي والاقتراب من هدف أسمى، وقد بدأت هذه الموجة بالكاميرات التي تعطينا مناظر خلابةً من الأعلى، وتطوّرت الاستخدامات من الأفلام إلى الحياة الواقعية، ولنتحدث عن بعض تلك الطائرات بدون طيار الحديثة، ونبدأ بالدبور الأسود Black Hornet، وهي طائرة بالغة الصغر ولا يتجاوز وزنها أكثر من 18 غرام، تحمل ثلاث كاميرات وتستطيع التحليق لمسافة تصل إلى أكثر من كيلومتر ونصف.

وقامت إحدى الشركات بصنع طائرة بدون طيار للحالات الإسعافية في الأماكن المزدحمة، فبمجرد اتصالك تُرسل الطائرة إلى مكانك بواسطة نظام تحديد المواقع ويعطيك المسعف الإرشادات اللازمة وهو يراقب ما تفعل عن طريق الكاميرات ويتكلم مع الشخص عن طريق مايكرفون موجودٍ على الطائرة نفسها. وإحدى الاستخدامات الأخرى هي رش المحاصيل بالمبيدات الحشرية والأسمدة، كما في اليابان، وتستخدم أيضاً في رسم خرائط دقيقةٍ للبلدات وهي تنجر ما كانت تنجزه الطرق التقليدية في عام وتختصره إلى ثلاثة أيام!!!

ومؤخراً حصلت أمازون على ترخيص لتجريب خدمتها Air Prime في المملكة المتحدة، وذلك لاختلاق القوانين عن تلك الموجودة في الولايات المتحدة، والتي سمحت أخيراً ببعض الحريات لجوجل في استخدام مشروعها الجديد Wing  ولكن  ما زالت هذه التشريعات محدودة جداً حتى الآن، ولكن الفكرة التي تطمح إليها كل من جوجل وأمازون هي التوصيل الفوري للبضائع إلى المستهلك، أي أنّ هذه الطائرة ستوصل المنتج إليك خلال نصف ساعةٍ من الطلب فقط!!!

ولا تتوقف الاستخدامات الرائعة للطائرات بدون طيار هنا، فقد قامت راوندا بالاشتراك مع شركة طائرات بدون طيار لإنتاج طائرات متخصصة في نقل الأدوية إلى الأماكن البعيدة وبهذا تسهل إيصال المعونة إلى من يحتاجها بأسرع وقت ممكن، وتدرس الولايات المتحدة الأمريكية صفقة شبيهة بذلك أيضاً.

وقد قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بدعم صناعات الطائرات بدون طيار بشكل سلمي عن طريق مسابقتها السنوية "جائزة الإمارات للطائرات بدون طيار لخدمة الإنسان"، وفيها يشارك المسابقون من جميع أنحاء العالم لتقديم اختراعاتهم والتنافس وتقديم نموذج للطائرات التي تخدم الإنسانية وتندرج المشاريع بشكل أكبر في المجالات الطبية والبيئة والتعليم.

بل الأكثر من ذلك، فإن دبي عقدت أول سباق للطائرات بدون طيار في العالم، وربح الجائزة الأولى وقدرها 250 ألف دولار أمريكي، لوك بانيستر ذو الخمسة عشر عاماً من بريطانيا، متفوقاً على 150 فريقاً آخر، وتلاه في المركز التالي فريق Dubai Dronetek. وقد وزعت جوائز نقدية تصل قيمتها إلى مليون دولار أمريكي وذلك للتشجيع على هذه الرياضة الجديدة، من رياضات المستقبل التي تتبناها دبي وتسعى إلى احتضانها وتطويرها.

مازالت هذه الصناعة في بداياتها، وفي كل شهرٍ يوجد تطوّر جديد يبشر بالمزيد من الخير والتقدم للإنسانية، وبدعم الدول، سنستطيع إبراز الوجه السلمي والفعال للطائرات بدون طيار، ولعلنا نراها تحلق فوق رؤوسنا ونشعر بالأمان لوجودها وننسى ماضيها، ونتطلع قدماً لمستقبلٍ أكثر أماناً ورفاهيةً وسعادةً مع الخدمات التي ستقدمها لنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق